رائدة مستقبل سوريا.. هفرين خلف

قالت سميرة العزيز: "مع تأسيس حزب سوريا المستقبل لم تكتفِ ببناء هيكلية سياسية فحسب، بل أصبحت رائدة المستقبل التي تجمع المجموعات الأثنية المختلفة معاً، وباعتبارها الأمينة العامة للحزب، أصبحت صوت العدالة والمساواة".

 تعرضت هفرين خلف للتعذيب والقتل على يد مرتزقة أحرار الشرقية المدعومة من الدولة التركية على الطريق السريع M4 خلال الهجمات التي شنّتها دولة الاحتلال التركي على سري كانيه وكري سبي في 12 تشرين 2019، وتحدثنا مع سميرة العزيز، نائبة الرئيسة المشتركة لحزب سوريا المستقبل، حول الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد هفرين خلف.

 

 وُلدت هفرين خلف عام 1984 في قرية ريحانك التابعة لديريك في روج آفا، في كنف عائلة وطنية، وفتحت هفرين خلف عينيها على العالم كأصغر طفلة في العائلة، لكنها لم تكن تعلم أن مسيرتها ستصبح يوماً ما موضوعاً للملاحم، ولفتت هفرين الأنظار إليها بعزيمتها وموهبتها منذ نعومة أظفارها، وانضمت إلى فرقة أطفال ديريك المسرحية وهي في الحادية عشرة من عمرها، وأدركت أن الفن من أقوى الأشياء التي تغذي الروح الإنسانية، وكان الدور الأول الذي مثلته حول مجزرة حلبجه، حيث لعبت هناك دور المدافعة عن حقوق الإنسان، وكان هذا انعكاساً لهويتها التي تشكلت كمدافعة عن العدالة والمساواة والكرامة، بما يتجاوز الدور الذي أدتها على خشبة المسرح.

وكان طريق هفرين مليء بالنجاحات التي كانت تسلط الضوء على تصميمها وعزيمتها، وأظهرت إصرارها على تحقيق أحلامها من خلال حصولها على المركز الأول في مسابقة دروس الرياضيات التي شاركت فيها عندما كانت لا تزال طالبة في الصف الخامس فقط، وأثناء دراستها الهندسة المدنية في جامعة حلب في عام 2009، برزت رغبتها في خدمة المجتمع أكثر من نجاحاتها الأكاديمية، وكانت الحرب الأهلية في سوريا نقطة تحول مهمة في حياة هفرين، وفي 19 تموز 2012، عندما تولت قيادة ثورة روج آفا، أصبحت رمزاً للحرية والمساواة بشجاعتها وإيمانها، ولعبت أنشطتها التنظيمية في جمعية نوري ديرسمي دوراً مهماً في تشكيل شبكات الدعم.

امرأة رائدة، فعالة وفي خضم التغيير

تعرفت سميرة العزيز على هفرين خلف عام 2011 واستذكرت سميرة العزيز تلك الأيام قائلة: "التقينا في عام 2011 عندما كانت هفرين ضمن وفد الطاقة عام 2015، كنت أيضاً في وفد التعليم لذلك في الفترة من 2015 إلى 2018، اجتمعنا عدة مرات في آليات مشتركة وكانت تأثيرها واضحاً دائماً في هذه الآليات وتلفت النظر بأفكارها واقتراحاتها.

ومع تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم الجزيرة في شباط عام2014 عُينت هفرين خلف مساعدة لرئيس لجنة الطاقة وبعد تعينها الرئيسة المشتركة للجنة الاقتصادية في إقليم الجزيرة قامت بتطوير سياسات الاستقرار الاجتماعي.

وكانت عيناها دائما على المستقبل وخاصة أرادت فتح آفاق جديدة للمرأة الكردية، لذلك في 27 آذار 2018 ومع تأسيس حزب سوريا في مدينة الرقة لم تكتفِ ببناء هيكلية سياسية فحسب، بل أصبحت رائدة المستقبل التي تجمع المجموعات الأثنية المختلفة معاً، وباعتبارها الأمينة العامة للحزب، أصبحت صوت العدالة والمساواة".

لقد كانت خبيرة ودبلوماسية

ولفتت سميرة العزيز إلى دور الذي لعبته هفرين خلف في تأسيس حزب سوريا المستقبل وتابعت: "هفرين كانت امرأة خبيرة ورائدة في شؤون الإدارة وكانت تتمتع بشخصية دبلوماسية وسياسية وأظهرت هذه الخصائص قدرتها على تشكيل وإدارة حزب سياسي، تأسس حزب سوريا المستقبل بجهود هفرين وشغلت منصب الرئيسة المشتركة للحزب لمدة عام ونصف تقريباً.

كانت هفرين امرأة سياسية وقفت ضد ظلام داعش الذي أراد تدمير ثورة روج آفا، وبمساعيها جعلت العديد من النساء تشارك في الأنشطة السياسية وعندما شنت دولة الاحتلال التركي هجماتها الاحتلالية على مناطق روج آفا تعرضت سيارتها لكمين من قبل المرتزقة على طريق M4 في 12 تشرين الأول 2019. واستشهدت تحت التعذيب.

وبعد استشهادها تم إطلاق اسمها على ساحة في منطقة غيلوتير بمدينة ليون الفرنسية، وعلى حديقة الشفاء في برلين، على الجانب الآخر من نهر ريو ريفي فريدي (نهر البارد) في بلدية بيرسيتو في مدينة بارما الإيطالية، على حديقة الرقة وحديقة قامشلو وفي عام 2019 أيضاً، حصلت على "جائزة Margerita Troli" و"جائزة الحقوق والحريات المدنية من التحالف الإيطالي (Coalizione Italiana per la Libertà ei Diritti - CILD)" باعتبارها "ناشطة شابة" من قبل بلدية كابوا الإيطالية و تم توثيق اسم هفرين في "أرشيف الأمل النسوي" في جمعية تنمية حقوق المرأة (AWID).

وأشارت سميرة العزيز إلى أن هفرين خلف كان لها لقاء حقيقي مع زعماء العشائر وأكملت حديثها كالآتي: "هفرين لم تكتف بالحوار الذي أجرته مع الشعب الكردي بل كانت لها مكانتها في المشاركات الشعبية في مشروع التقارب بين الأمم وإجراء حوارات فيما يتعلق بالبحث عن كل حقيقة كل أمة وبالأخص أجرت حوارات قوية مع زعماء القبائل العربية".

"اتحد الشعب في الصراع المشترك"

كانت حوارات هفرين مع النساء والشبيبة قيمة ومجدية حتى أنها بذاتها كانت امرأة شابة، لقد كانت مبدعة وماهرة لجعل شخص ما يشعر بالتقدير وكانت تدعو دائماً إلى حوارات قوية مع الشعب السوري وبرزت لها مواقف في توحيد الشعب السوري وقيادته إلى النضال المشترك.

شاركت هفرين خلف في ثورة روج آفا وأصبحت رمزاً للنضال من أجل حرية المرأة، لقد سنحت شجاعتها للعديد من النساء بدخول الساحة السياسية وكانت كالشعلة المضيئة على ظلام مرتزقة داعش وحاولت أن تنير المستقبل".

"الانتقام لهفرين تفوق على نضال المرأة المنتظمة"

وأنهت سميرة العزيز حديثها كالتالي: "هفرين ناضلت حتى أنفاسها الأخيرة" أنَّ شخصيتها النضالية مزروعة في ذاكرتنا وإننا نشعر بحزن عميق لاستهداف مثل هكذا امرأة في هجوم وحشي، أنَّ استهدافها بهذه الطريقة ووقوعها في كمين يجعلنا نشعر بالألم وكانه في يومه الأول، وتحقيق أحلامها تقع على عاتقنا وكانت ترى أن الحل في سوريا تعتمد على وحدة الشعب السوري وفي هذا السياق ناضلت بإصرار، أنَّ متابعة مسيرتها تفوق تعزيز التنظيم النسائي، فالنساء ينظمن أنفسهن وعليهن أن يلعبنَّ دوراً قيادياً في وحدة الشعب السوري والارتقاء بنضاله".

الجناة موجودون في تركيا

وقامت أحرار الشرقية باستهداف العديد من المدنيين وخاصة هفرين خلف وتخرج قائد أحرار الشرقية أبو حاتم شقرا المتهم من قبل الأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب، من جامعة أرطوغلو في ميردين ويدعى أحمد إحسان فياض الهيس في 6 حزيران عام 2023. وتم طرح الاسم نفسه على جدول الأعمال في انتخابات 14 أيار عن طريق عملية التصويت.